الاتِّزان بين العمل والأسرة؛ كيف يؤثِّر غياب الزوج على استقرار الأسرة؟

اقرأ في هذا المقال
  • تأثير غياب الزوج عن أسرته على صحَّته النفسيَّة
  • تأثير غياب الزوج على صحَّة الزوجة النفسيَّة
  • الآثار السلبيَّة الناجمة عن غياب الزوج على صحَّة الزوجين البدنيَّة
  • كيف يمكن للزوجين التغلُّب على الآثار السلبيَّة لغياب الزوج عن المنزل؟
  • كيف تسعدين زوجكِ عن بُعد؟

يحدث في كثيرٍ من الأحيان أن يضطرَّ الأب للغياب عن أسرته لأسباب متعددة؛ مثل السفر أو لتأدية الخدمة العسكريَّة لعدد من السنين، ومن ثم تواجه الأسرة بأكملها نوعًا جديدًا من تحدّيات الحياة، إضافةً إلى المسؤوليَّة الضخمة الملقاة على عاتق الزوجة للحفاظ على أسرتها في حال وجود أبناء؛ فنجدها حائرة بين الكثير من التساؤلات، منها كيفيَّة الحفاظ على اتزان نفسيتها وكذلك الأبناء في غياب الأب، وكيف يمكنها أن تُسعِد زوجها البعيد عنها؟

تأثير غياب الزَوج عن أسرته على صحَّته النفسيَّة

قد يظن البعض أنَّ غياب الزوج عن بيته لسفرٍ أو غيره ممَّا تجبرنا عليه ظروف الحياة، يؤثِّر أول ما يؤثِّر على كل أفراد الأسرة دون الزوج أو الأب؛ لكنه يتأثَّر سلبًا تمامًا كما تتأثَّر الزوجة؛ وأكثر ما يعانيه الزوج نفسيًّا هو:

ويرجع ذلك إلى انضمامه بعد السفر إلى مجتمع جديد عليه بعاداته وتقاليده وأعرافه؛ لذا قد يشعر أنه لا ينتمي إليه.

فقد اعتاد الزوج على استقبال زوجته وأولاده له عند عودته من عمله، الطعام جاهزٌ والجميع يتحدَّثون عمَّا دار في يومهم، فينشأ الدفء الأُسري والشعور بالاستقرار والأُلفة، ولا شكَّ أنَّ أي زوج مغترب -خصوصًا- لسنوات طويلة يفتقد هذه التفاصيل اليوميَّة، وقد يُسيطر عليه الشعور بالوحدة.

يضطرُّ الزوج المغترب إلى كبت عواطفه إثر غيابه عن بيته وزوجته؛ ممَّا قد يتسبَّب في معاناته من الاضطرابات المزاجيَّة الحادَّة، وكثرة خلافاته -التي قد تبدو مجهولة السبب- مع زوجته.

  • الشعور بانحسار دوره كرب أسرة في تلبية الاحتياجات الماديَّة فقط، مع توغُّل الشعور السلبي بعدم قدرته على مشاركة كافَّة التفاصيل اليوميَّة مع زوجته وأولاده، ومن ثم يتحوَّل إلى غريب تدريجيًّا؛ إذ تزيد الفجوة النفسيَّة والعقليَّة بين أفراد الأسرة إثر بعد المسافات والانشغالات اليوميَّة للزوج والزوجة.

تأثير غياب الزَوج على صحَّة الزوجة النفسيَّة

يمكننا تشبيه التأثير النفسي لغياب الزوج عن أسرته فترات طويلة لأيِّ سببٍ بتحوُّل الزوجة إلى فريسة لضغوط الحياة؛ خاصَّةً في حال وجود أبناء، ومن أبرز تحدِّياتها:

  • الشعور بالجفاء؛ إذ يقتصر الحديث في المكالمات الهاتفيَّة غالبًا على الأمور الخاصَّة بالأولاد وإدارة شؤون الأسرة والأمور الماديَّة فقط، مع إغفال الجانب النفسي والعاطفي بمرور الوقت إثر الانشغال وضيق الوقت.
  • الشعور بالوحدة وزيادة الفراغ العاطفي في حياة الزوجة جراء افتقادها الكلام الحاني ومشاعر المودَّة والأُلفة المتبادلة مع زوجها.
  • الاضطرار إلى تحمُّل مسؤوليَّة البيت بتفاصيله كاملة، لتلعب دور الزوجة والأُمّ والأب في آنٍ واحد، ثم تجبرها المسؤوليَّة على اكتساب بعض صفات الصلابة والخشونة، وتصبح أنوثتها طيَّ النسيان تدريجيًّا لتتمكَّن من تحمُّل أعباء الحياة دون أن يراودها شعورٌ بالتقصير.
  • غياب الزوج عن المناسبات العائليَّة قد يدفعها للانعزال، فضلًا عن عدم قدرته على مشاركتها المناسبات الأسريَّة، مثل نجاح أبنائه في الدراسة أو أعياد ميلادهم، أو حتى مساندة زوجته في الظروف الطارئة مثل التعب الجسدي.

الآثار السلبيَّة الناجمة عن غياب الزَوج على صحَّة الزوجين البدنيَّة 

من المؤسف أن أضرار غياب الزوج عن بيته لا تنتهي عند الضرر النفسي والاجتماعي الذي يلاحق الزوجين، بل إنهما يصبحان أكثر عُرضة لبعض المُشكلات الصحيَّة، وعلى رأسها:

  • الإصابة بالسكَّري أو ارتفاع ضغط الدم إثر كتمان المشاعر السلبيَّة، والضغوط النفسيَّة الناجمة عن المسؤوليَّة الضخمة التي يتحمَّلها كل منهما.
  • الإجهاد الجسدي بسبب غياب العلاقة الحميمة وما يصاحبها من هرمونات تساعد في استقرار الصحَّة النفسيَّة والبدنيَّة مثل الأوكسيتوسين والدوبامين.

كيف يمكن للزوجين التغلُّب على الآثار السلبيَّة لغياب الزَوج عن المنزل؟

إنَّ الاستسلام للغياب قد يضع العلاقة الزوجيَّة، بل والأسرة بأكملها على شفا جُرُفٍ هارٍ فتكون على بُعد خُطوة من الانهيار والتفكُّك؛ لذا لا بدّ من التكاتف، وتفهُّم الطرفين لطبيعة الحال، والبحث عن أفضل الطرق للحفاظ على الحبّ والألفة بينهما، ومن أهمِّ هذه الطرق:

  • الحرص على التواصل المستمرّ بكل أشكاله من مكالمات هاتفيَّة أو الفيديو أو الرسائل المكتوبة على أيٍّ من تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة، وسرد أحداث اليوم بالتفصيل.
  • تقديم الدعم العاطفي دون ملل:

ينبغي للطرفين أن يحرصا على دعم بعضهما البعض ليواجه كل منهما تحدّياته اليوميَّة دون أن يشعر بالوحدة.

  • الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة: 

نعرف جميعًا أنَّ الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة علامة على الحب؛ لذا يمكن للزوج أن يرسل رسائل مفعمة بالحبّ والشوق، ويتذكَّر تفاصيل ذكرياته مع زوجته ومناسباتهما الخاصَّة؛ ممَّا يُظهِر للزوجة أنَّها في أفكاره وأنَّه يفتقدها بشدَّة.

  • المشاركة في التخطيط واتِّخاذ القرارات، وإسناد بعض القرارات المهمَّة التي تتعلَّق بالأسرة إلى الأب في حال وجود أبناء، حتى يعتادوا على أهميَّة دور الأب وإن كان مسافرًا.
  • الثقة والتفهُّم: 

ينبغي للزوجة أن تثق في زوجها وتتفهَّم أنَّ غيابه ليس بسبب قصور أو إهمال منها، بل حرصًا منه على استقرار الأسرة ماديًّا وتوفير كافّة احتياجاتها، ومن ثم تستطيع تخفيف الضغط النفسي عنه وتقليل شعوره بالوحدة.

يمكن للزوجة أن تولي اهتمامًا خاصًّا لنفسها في غياب الزوج؛ إذ يمكنها الاستفادة من أي وقت فراغ متاح لممارسة هواياتها المفضَّلة، أو اكتشاف أشياء جديدة تثير اهتمامها حتى تتغلَّب على المشاعر السلبيَّة.

  •  الحفاظ على الروتين اليومي: 

يفضَّل أن تحافظ الزوجة على روتين يومي منظَّم في أثناء غياب الزوج عن طريق تحديد أهداف ومهام يوميَّة والالتزام بها؛ لأنَّ ذلك سيساعدها في الإحساس بالاستقرار، وتقليل الشعور بالفراغ.

يمكن للزوجة أن تطلب الدعم من أفراد العائلة أو الأصدقاء المقرَّبين خلال غياب الزوج، كما يمكنها أيضًا الانضمام إلى نوادٍ وإنشاء علاقات اجتماعيَّة جديدة مغ صديقات، ومن ثم تنشغل عن الشعور بالوحدة الذي يلتهمها يومًا بعد يوم.

  • ينبغي للزوج أيضًا أن يحاول بشتَّى السبل ألا يغيب عن زوجته أكثر من أربعة أشهر؛ ليتمكَّن وزوجته من إشباع حاجتهما الجسديَّة، وتجنُّب الوقوع في المشاكل النفسيَّة التي قد تؤدِّي لما هو أسوأ إن طالت فترة الغياب.

كيف تسعدين زَوجكِ عن بُعد؟

ينبغي للزوجة أن تقدِّم اهتمامًا من نوعٍ خاصّ لزوجها المسافر، كي تساعده في التغلُّب على مشاعره السلبيَّة من غُربة ووحدة وافتقاد للأجواء العائليَّة؛ ومن ثم يتمكَّن من أداء مهام عمله بذهن صافٍ وعلى أكمل وجه؛ وممَّا يمكن أن تقدِّمه الزوجة ما يلي:

  • تفهُّم ما يمرّ به من مشاكل والتحلِّي بروح إيجابيَّة ومساعدته في حلِّ تلك المشاكل وتجاوزها بأقلِّ الخسائر.
  • التواصل باستمرار مع أهله والاهتمام بهم والسؤال عن حالهم؛ إذ تعدُّ هذه النقطة من أهمّ ما يُسعِد الزوج ويخفِّف عنه آلام الغُربة.
  • اقترحي عليه أن يشارككِ بعض الأنشطة في وقت فراغه؛ مثل قراءة نفس الكتاب، أو مشاركة الألعاب عبر الإنترنت.
  • مشاركته التسوُّق واختيار ما يناسبه عن طريق الاتِّصال بالصوت والصورة.
  • تجنُّب فعل ما يغضبه كالخروج أو المبيت عند الأهل دون استئذان؛ فهذا يزيد من احترامه لكِ ويقوي العلاقة بينكما.
  • تجنُّب الغيرة وتتبُّع الزوج، وتعمُّد إظهار الثقة به.
  • عدم إغفال الاحتفال بعيد الزواج بحجّة أنَّه غير موجود.

في النهاية، على الزوجين أن يدركا أنَّهما عماد البيت وأساسه، فإن غاب الزوج مضطرًا أو مختارًا فلا بد أن يكونا على قدر المسؤوليَّة، وأن يتفهَّما متطلّبات التحدِّيات الجديدة، ومن ثم يستطيع كلٌ منهما استيعاب الآخر نفسيًّا لترتقي حياتهما الزوجيَّة، وينعما باستقرارها.

اظهر المزيد

اسراء سامي

إسراء سامي هي خبيرة في مجال صناعة المحتوى، حازت على درجة البكالوريوس في المجال الطبي. تتميز بخبرتها الواسعة في كتابة المحتوى العلمي والثقافي المتنوع. اهتمامها البارز ينصب في القضايا الصحية وشؤون المرأة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. تتقن كتابة مقالاتها باللغة العربية، مستندة إلى خلفيتها العلمية، بهدف تقديم معرفة قيمة وموثوقة للقراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية