الحياة الجنسيَّة لمريض اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة
- ما هو اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة؟
- هل هناك أسباب واضحة لاضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة ؟
- الأعراض التي تظهر على مرضى اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة
- الحياة الجنسيَّة لمريض اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة
- على ماذا يعتمد الطبيب النفسي في تشخيص هذا الاضطراب؟
- هل هناك علاج لاضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة ؟
ما هو اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة؟
مرضى هذا الاضطراب يظهرون نمطًا من الانفعاليَّة ومحاولة لجذب الانتباه. حيث يعملون على إيجاد الشعور بأنَّهم مركز الاهتمام للآخرين. ولكن سلوكياتهم التي يستخدمونها لجذب الانتباه تكون غريبة ومختلفة عن المألوف. مثل خلع الملابس أو محاولة إغراء الآخرين أو استفزازهم.
ويجب ألا يتمّ الخلط بين مريض هذا الاضطراب ومريض اضطراب الشخصيَّة النرجسي، فالأخير يهتمُّ بلفت أنظار الآخرين وجعله مركز اهتمامهم لكن ليس باستخدام سلوكيَّات خارجة عن المألوف مثل التعرِّي وخلع الملابس واستثارة الآخرين، بينما في اضطراب الشخصيَّة الهيستريَّة يحاول المريض لفت أنظار الآخرين من خلال سلوكيَّات غير مألوفة.
تشير الدراسات إلى أنَّ معدَّلات التشخيص لهذا الاضطراب هي 2% في الولايات المتَّحدة، وهو أكثر شيوعًا لدى النساء.
يعتمد الطبيب النفسي في تشخيص اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة على ملاحظة أعراض المريض في الجلسة الأولى، والتي تتمثّل في الضيق والانزعاج في حالة تجاهل المريض أو إعطائه إيحاء بأنّه ليس مركز اهتمام مطلق، السلوك التمثيلي للمريض والذي يكون على شكل استجداء عاطفي درامي وكأنّك تشاهد فيلمًا في السينما، وغيرها من الأعراض، ويجدر التنويه إلى أنّ اضطراب الشخصيَّة التمثيلي هو أحد أسماء هذا الاضطراب أيضًا.
هل هناك أسباب واضحة لاضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة ؟
اضطراب الشخصيَّة الهيستريَّة يتقاطع مع غيره من الاضطرابات النفسيَّة في الأسباب. والتي تتمثّل في الجينات أو الأسباب الوراثيَّة، بالإضافة إلى العوامل البيئيَّة. حيث إنّ شخصيَّة الإنسان كمزيج من الأفكار والشعور والسلوكيَّات تبدأ منذ الطفولة في التفاعل مع البيئة المحيطة بها. فتؤثر الجينات الموروثة من الآباء على تشكيل الشخصية وتعطي الطابع العام للشخصية.
ويتأثَّر هذا الطابع مع مرور الوقت بمكان النشأة. المجتمع المحيط، أفراد الأسرة الآخرين، المدرسة ومن ثم بيئة الجامعة وبيئة العمل، وظهور مثل هذا النوع من الاضطرابات يكون بسبب الاستعداد الجيني الموروث بالتزامن مع حدوث موقف من البيئة المحيطة حفَّز ظهور الاضطراب.
ويجب التنويه إلى أنَّ أسباب أي اضطراب نفسي صعبة التحديد على وجه الدقَّة. وهي تختلف عن اضطرابات جسديَّة معينة والتي يسهل حصر الأسباب المتعلِّقة بالعضو المتأثّر. كأن نقول إنَّ إدمان الكحول هو أحد أهمّ أسباب تشمّع الكبد، أمَّا الاضطرابات العقليَّة والنفسيَّة فيغلب على أسبابها الضبابيَّة لصعوبة دراستها. وتحديد الموقع المتأثِّر من الدماغ سواء جزء عضويّ. أو مناطق تشابك عصبي. تساهم العديد من العوامل في ذلك أيضًا، بما فيها الطفولة، والمراهقة، والتفاعل مع البيئة، والحياة العمليَّة، والحياة العاطفيَّة، والتاريخ المريض النفسي الكامل للعائلة. لكن يُمكن لبعض عوامل زيادة الخطورة (العوامل التي تزيد من خطورة حدوث اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة) أن يكون لها ارتباط وثيق بحدوث هذا الاضطراب. وذلك من مثيلات: وجود تاريخ عائلي طويل لاضطرابات نفسيَّة حادَّة، اختلالات في كيمياء الدماغ، الحياة الأسريَّة غير المستقرَّة، تشخيص المريض باضطرابات نفسيَّة أخرى أثناء مرحلة طفولته.
الأعراض التي تظهر على مرضى اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة
الأعراض التي تظهر على مرضى هذا الاضطراب تتراوح بين حاجة الشعور بالمركزيَّة وموضع الاهتمام المطلق والوحيد من الآخرين، بالإضافة إلى اضطرابات وإشكالات عاطفيَّة، وسيتم تناول ذلك على النحو الآتي:
الحاجة إلى الشعور بالمركزيَّة والاهتمام المطلق
يحاول مرضى اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة بأن يكونوا دائمًا مركز اهتمام الآخرين، ويشعرون بالضيق والكآبة عندما يُشعرهم الآخرون بالإهمال ولكي يكونوا موضع اهتمام دائم ينزعون إلى تصرّفات غير لائقة من حيث لبس ملابس فاضحة وإغراء الآخرين جنسيًّا واستفزازهم، وهذا يُشاع لدى المرضى من النساء أكثر من الرجال، حيث إنّهم غير مهتمّين بنظرة الناس لهم ورأيهم فيهم، وإنّما أن يكونوا موضع جدل وتساؤل فقط.
الإشكالات الانفعاليَّة والعاطفيَّة
يغلب الطابع العاطفي على هذا النوع من المرضى، ولكن على شكل نماذج اتكّاليَّة عاطفيًّا على الآخر، ويمارسون ألاعيب الإغواء والاستجداء العاطفي مع (الزوج/الزوجة) وكثيرًا ما يمثِّلون دور الضحيَّة، لذلك تكون علاقاتهم العاطفيَّة والحميمة غير مستقرَّة أبدًا ويتحدّثون عن مشاعرهم بطريقة غير مستقرَّة، فمرّةً يُظهِرون برودًا تامًّا، وأحيانًا يُظهِرون انفعالات غير مبرَّرة.
الحياة الجنسيَّة لمريض اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة
عندما نتحدَّث عن الحياة الجنسيَّة لمريض اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة أو التمثيليَّة كما يتمّ تسميتها في بعض المراجع، فهنالك جوانب عديدة فيها شيء من التعقيد، حيث تصبح العلاقة الحميمة عند المريض أداة للإغواء وجذب الآخر جنسيًّا؛ لحل أي مشكلة أو خلاف يحدث مع (الزوج/الزوجة)، ويأتي السؤال هنا، هل ذلك يعني أن العلاقة الحميمة تكون دون مشاعر من جهة المريض؟
الجواب هو لا، فهنالك حمولة عاطفيَّة لدى المريض تدفعه للقيام بالعلاقة الحميمة مع (الزوج/الزوجة)، لكن هنالك نوايا أخرى تُغلّف هذه المشاعر وهي محاولة استجداء العاطفة والسماح من (الزوج/الزوجة)، حيث إنَّ المريض يستمتع بالجنس إلّا أنّه يستخدمه أيضًا كسلاح لجذب الانتباه، فأولويَّة المريض من العلاقة الحميمة جذب الانتباه والاهتمام المطلق وليس الرضا الجنسي والعاطفي من العلاقة ذاتها.
ذكرنا سابقًا، أنَّ العلاقات العاطفيَّة والحميمة لدى مرضى اضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة تكون غير مستقرَّة أبدًا. وهذا يعني أنَّ المريض يمكن أن يبحث عن علاقات خارج إطار الزواج مع آخرين كي يُعطوه الانتباه اللازم ويجعلوه مركز الاهتمام في حياتهم. لذلك تكون حالات الخيانة الزوجيَّة بمعدَّلات أكبر لدى مريض هذا الاضطراب. وعندما يتمّ مواجهة المريض بخيانته الزوجيَّة مثلًا. يتصرَّف على نحو تمثيلي مبهر بأنَّ هذا حقّه وهو مظلوم وضحيَّة (زوج/زوجة) لا يُبالي به، رغم أنّ (الزوج/ الزوجة) قد يكون طبيعيًّا ويمارس معه الجنس بمعدَّلات طبيعيَّة. إلّا أنَّ مرضى هذا الاضطراب يبالغون في التعبير عن الحميميَّة بالعلاقات العاطفيَّة على نحو أكثر من اللازم. ويُظهرون احتياجًا للعلاقة الحميمة بمعدَّلات أكثر من الطبيعي ليس رغبةً في العلاقة الجنسيَّة بحدّ ذاتها. وإنَّما لاحتياجهم الدائم بالشعور بأنّهم مركز الاهتمام الوحيد لدى (الزوج/الزوجة).
على ماذا يعتمد الطبيب النفسي في تشخيص هذا الاضطراب؟
يُظهِر مرضى هذا الاضطراب مبالغة شديدة في التعبير عن عواطفهم في الجلسات الأوَّليَّة مع الطبيب المختص. ويُمكن أن يقوموا بالسلوكيَّات غير اللائقة التي تحدَّثنا عنها سابقًا مثل نزع الملابس ومحاولة الإغواء. وعلى نحوٍ مُبسّط، فهنالك مجموعة من الأعراض التي يجب أن يظهر 5 منها على الأقل حتى يتمّ التشخيص بهذا الاضطراب. وهي على النحو الآتي:
- تبدو عليهم علامات الضيق والتوتُّر والانزعاج عندما لا يكونون موضع اهتمام مطلق.
- محاولة جذب الآخرين بطرق غير لائقة مثل التعرّي أو استخدام إيحاءات جنسيَّة.
- تبدو عليهم علامات الانفعال الشديد بوتيرة لا يمكن السيطرة عليها.
- في غالب الوقت يكون كلامهم غير مفهوم ويكونون غير قادرين على تقديم جُمل واضحة ومفهومة تعكس ما يشعرون به.
- يقدّمون أنفسهم بطريقة دراميَّة ومسرحيَّة، ويحاولون تمثيل دور الضحيَّة باستمرار.
- شديدو التأثّر بالظروف المحيطة بهم.
- شديدو التأثّر بالآخرين وبآرائهم.
- يبالغون في التعبير عن الحميميَّة بالعلاقات العاطفيَّة على نحوٍ أكثر من اللازم.
هل هناك علاج لاضطراب الشخصيَّة الهيستيريَّة ؟
يعتمد العلاج الخاصّ بهذا الاضطراب على مدى تأثيره على حياة المريض وتقاطعه مع الأنشطة اليوميَّة. بالإضافة إلى حدَّة الأعراض. ويشتغل أخصائيّو معالجة اضطرابات الشخصيَّة عمومًا على الحالة الواحدة شهورًا وربما أعوامًا لكي يُظهر المريض تحسُّنًا ملحوظًا. وغالبًا ما يبدأ العلاج داخل مصحَّة نفسيَّة في الحالات الحادَّة. ثمَّ ينتهي في العلاج المنزلي بعد تخريج المريض ومراجعة العيادات الخارجيَّة أو عيادة خاصَّة على نحوٍ مستمر. وفيما يأتي نبذة عن العلاج النفسي والعلاج الدوائي لهذا النوع من الاضطرابات:
العلاج النفسي
العلاج النفسي أو العلاج بالحديث هو الركن الأساسي في علاج مثل هذا النوع من الاضطرابات. حيث يبادر أخصائي العلاج النفسي في الحديث عن حالة المريض والحصول على أكبر قدر ممكن من المعرفة عن حالته المزاجيَّة وأفكاره تجاه نفسه والبيئة المحيطة به. ويحاول تعليمه كيفيَّة التكيُّف مع اندفاعاته وانفعالاته العصبيَّة ونوبات الهيجان والغضب.، كما يقوم بتدريبه على المهارات الاجتماعيَّة والتواصل السليم مع الآخرين في سبيل الحدّ من السلوكيات غير اللائقة للفت الانتباه، والتي تتداخل سلبًا مع أنشطة الحياة اليوميَّة، سواء في بيئة الدراسة، أو بيئة العمل.
العلاج النفسي يكون على شكل جلسات علاجيَّة فرديَّة. أي الطبيب والمريض فقط، أو جلسات جماعيَّة قد تشمل أفرادًا من عائلة المريض.
العلاج الدوائي
لا يوجد أدوية معيَّنة تستهدف هذا الاضطراب على نحوٍ منفصل. وإنَّما هي مجموعة من الكوكتيلات من عائلات دوائيَّة مختلفة تستهدف أكبر قدر ممكن من الأعراض لتحسين حياة المريض. وذلك على النحو الآتي:
- أثبتت مضادَّات الاكتئاب فائدتها في تحسين الحالة المزاجيَّة والانفعاليَّة لمرضى هذا الاضطراب. كما أنَّها ذات فائدة جيِّدة نسبيًا في حالات اليأس التي تصيب المريض نتيجة عدم التفات الآخرين إليه.
- أثبتت مضادَّات الذهان فائدتها في علاج نوبات انفصال المريض عن الواقع، وفي نوبات الهيجان والانفعالات غير المسيطر عليها.
- مثبِّتات المزاج أيضًا كان لها دور جيِّد في تحسين الحالة المزاجيَّة لمرضى هذا الاضطراب.
- مضادَّات القلق لها فائدة جيِّدة في علاج حالات الأرق وصعوبات النوم أيضًا عند هذا النوع من المرضى، ولكنَّها ليست الخيار الأوَّل في اضطرابات الشخصيَّة عمومًا، كونها قد تزيد من السلوك الاندفاعي.