الجينات والاضطرابات الجنسيَّة، بين الطبِّ والخرافة

سنناقش في هذا المقال مجموعة من الأسئلة المقترحة حول:

علاقة الجينات أو الاستعداد الجيني في زيادة خطورة الإصابة باضطرابات جنسيَّة معيَّنة، أو التأثير على القدرات الجنسيَّة لدى الرجل والمرأة.

الجينات وسرعة القذف عند الرجل   

ضمن سلسلة الأسئلة التي تدور حول عنوان المقال الرئيس؛ الجينات والاضطرابات الجنسيَّة بين الطبِّ والخرافة.

السؤال الأوَّل: هل تلعب الجينات دورًا في حدوث اضطراب سرعة القذف، كما هو الحال مع اضطراب البروستاتا الحميد؟

إنَّ وظيفة قذف السائل المنوي عند الرجل بالإضافة إلى وظيفة غدة البروستاتا ترتبطان بعوامل متنوِّعة، وللجينات أو العامل الوراثي دور في ذلك، وفيما يأتي بعض النقاط التي ستساعد القارئ على توضيح الفكرة:

تزداد خطورة الإصابة بسرعة القذف عند الرجال الذين لديهم تاريخ أُسري ذكوري في سرعة القذف، لكن هذا لا يعني أنَّ العامل الوراثي هو العامل الوحيد، فالضغوطات النفسيَّة والتوتُّر يُمكن أن يؤثِّرا بدرجة أكبر على اضطراب سرعة القذف، بالإضافة إلى عامل مهمّ وجوهري؛ وهو شكل العلاقة أو البناء السليم للعلاقة الحميمة بين الزوجين، والتقنيات الجنسيَّة أو طرق الجماع المستخدمة، والمحافظة على استمرار عنصر الاستثارة من خلال معرفة مواطن قوّته وضعفه عند كل طرف منهما عبر النقاش المتواصل، والذي هو السبيل الوحيد لاستمرار العلاقة الحميميَّة الناجحة، ويمكن الاستعانة بمدرِّب صحَّة جنسيَّة أو طبيب نفسي مختصّ لتعليم طرق التواصل السليمة فيما بينهما.

تُشير الدراسات إلى أنَّ مادة السيروتونين عند الرجال الذين يعانون من سرعة القذف، تكون أقلّ نشاطًا بين الأعصاب في الجزء الذي يتحكَّم في القذف من الدماغ، حيث ترتبط هذه المادة بالنشاط الجنسي والشهوة أو الرغبة الجنسيَّة، وهي مادة تنقل الإشارة من خليَّة عصبيَّة إلى أخرى، وينتج عن انخفاض نشاطها، بطء أو خلل في نقل الإشارة العصبيَّة، أو الأمر العصبي الذي يرتبط بالقذف.

5-HTTLPR الجين 

كشفت الدراسات أنَّ هذا الجين، هو المسؤول عن تحديد كميَّة ونشاط مادة السيروتونين في الدماغ، ومن دون الدخول في تفاصيل عديدة؛ فإنَّ أشكال هذا الجين الثلاثة واختلاف الشكل الذي يحمله رجل عن آخر، يمكن أن تؤثّر على معدَّلات سرعة القذف لديه، وهو ما يفتح بابًا كبيرًا للعلاجات التي من الممكن أن تُحسِّن من حالات سرعة القذف عند الرجال مستقبلًا.

وكما هو الحال مع اضطراب سرعة القذف، فإنَّ اضطراب البروستاتا الحميد الذي تزيد احتماليّته مع تقدُّم الرجل في السنّ، يلعب العامل الوراثي دورًا كبيرًا في الإصابة به من حيث التاريخ الوراثي للعائلة، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل العوامل الهرمونيَّة (الاختلافات في مستويات الهرمون الذكوري) وغيرها من العوامل.

جينات الزوجة وهزّة الجماع

ضمن سلسلة الأسئلة التي تدور حول عنوان المقال الرئيس؛ الجينات والاضطرابات الجنسيَّة بين الطبّ والخرافة. 

السؤال الثاني: هل تؤثِّر جينات الأنثى على سرعة وصولها إلى النشوة أو هزَّة الجماع، واختلافها عن النساء الأخريات؟

تشير الأدلة العلميَّة إلى وجود علاقة بين العوامل الوراثيَّة وتفاعل المرأة مع التجربة الجنسيَّة من حيث سرعة وصولها إلى النشوة أو هزَّة الجماع، وبالتالي فهي تختلف من امرأة لأخرى اعتمادًا على مجموعة من العوامل المعقَّدة، إذ تلعب العوامل الوراثيَّة والتاريخ الأُسري -إلى جانب العوامل النفسيَّة والاجتماعيَّة- دورًا في ذلك، لكن فيما يتعلَّق بالجانب الجسدي أو البيولوجي الذي يُؤثّر عليه العامل الوراثي والجيني على نحوٍ مباشر، فيمكن إيضاحه على النحو الآتي:

العامل الوراثي والهرمونات

تلعب الهرمونات الأنثويَّة دورًا أساسيًّا في تنظيم استجابة المرأة الجنسيَّة، ويكون للعامل الوراثي أو الجيني حصَّة الأسد في التأثير على مستويات وتكوين هذه الهرمونات.

العامل الوراثي والتركيب الجسماني للمرأة

يمكن أن يؤثِّر التركيب الجسماني للمرأة على تجربتها الجنسيَّة وسرعة وصولها إلى الرعشة الجنسيَّة أو هزّة الجماع، إذ يلعب العامل الوراثي دورًا مهمًّا في هذا التكوين الجسماني، والتشريح العامّ للأعضاء الجنسيَّة وتشكُّلها.

العامل التطوّري (نظريَّة اختيار الزوج والنشوة الجنسيَّة عند المرأة – جانب أكاديمي)

– تشير إحدى الدراسات إلى أنَّ النساء اللاتي يفشلن في الوصول إلى النشوة الجنسيَّة أثناء ممارسة الجنس قد يكونن مبرمجات وراثيًا للتخلّص أو النفور من الرجل غير الموثوق به، بمعنى أنّها خصيصة جينيَّة تؤدّي وظيفة الحماية، ويأتي ذلك تحت عنوان يقول إنَّ (النشوة الجنسيَّة عند الأنثى كلّها في الجينات).

– نتائج دراسة شبيهة توصَّلت إلى النتيجة نفسها، وذلك بعد الاطّلاع على قدرة آلاف النساء في الوصول إلى الذروة، أنَّ النشوة الجنسيَّة عند الأنثى تحمل دلالة بيولوجيَّة، بمعنى أنّه يُمكن أن تكون النشوة الجنسيَّة وسيلة لاختيار زوج مناسب لتربية الأطفال وتحمُّل المسؤوليَّة، وأنَّ أي اضطراب في الوصول إلى النشوة الجنسيَّة عند الأنثى ليس خللًا وظيفيًّا. 

أثر الجينات على الرغبة الجنسيَّة عند الرجل

ضمن سلسلة الأسئلة التي تدور حول عنوان المقال الرئيس؛ الجينات والاضطرابات الجنسيَّة بين الطبِّ والخرافة. 

السؤال الثالث: من المعروف أنَّ طول وعرض قضيب الرجل صفتان تلعب الجينات فيها دورًا كبيرًا، هل ينطبق الأمر نفسه على قدرته أو رغبته الجنسيَّة، وإمتاع زوجته؟

هناك عوامل وراثيَّة تلعب دورًا في تحديد بعض جوانب القدرة الجنسيَّة، ورغبة الشخص في الجنس وإمتاع زوجته، ومع ذلك، يجب ملاحظة أنَّ القدرة الجنسيَّة والرغبة الجنسيَّة وتجربة الإمتاع الجنسي تعتمد على تفاعل معقَّد بين العوامل الوراثيَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة والبيئيَّة، وفيما يأتي توضيح لهذه العوامل:

العامل الوراثي والهرمونات

العوامل الوراثيَّة يمكن أن تلعب دورًا في تنظيم مستويات الهرمونات في الجسم، والتي تؤثِّر بدورهاعلى الرغبة الجنسيَّة والقدرة الجنسيَّة. على سبيل المثال، الاختلافات الوراثيَّة في مستقبلات الهرمونات، قد تؤثِّر على استجابة الجسم للهرمونات الجنسيَّة مثل التستوستيرون.

الوراثة النفسيَّة

بعض الاختلافات الوراثيَّة قد تكون مرتبطة بعوامل نفسيَّة، تؤثِّر على الرغبة الجنسيَّة وتجارب الإمتاع الجنسي.

الأعصاب والتحفيز الجنسي قد يكون لدى البعض اختلافات وراثيَّة في تشكيل الأعصاب والتحفيز الجنسي، وهذا يمكن أن يؤثِّر في القدرة على الاستمتاع الجنسي