ما الدعم الاجتماعي الذي تحتاجه أُسَر ذوي الاحتياجات الخاصَّة؟

اقرأ في هذا المقال
  • ما هو المقصود بالاحتياجات الخاصَّة؟
  • ما هي الضغوط التي تتعرَّض لها أُسَر ذوي الاحتياجات الخاصَّة؟
  • كيف يمكن تقديم الدعم الاجتماعي لهم؟

تتعرَّض أسر ذوي الاحتياجات الخاصَّة للكثير من الضغوطات والتحدّيات؛ سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو العملي. عادةً ما يحتاج وجود طفل ذو احتياج خاصّ لتعديل في البيئة المحيطة، وعمل روتين مختلف للأسرة يراعي احتياجاته ويخصِّص وقتًا ومجهودًا إضافيًّا لمساعدته. هذا بالإضافة إلى ما تتعرَّض له هذه الأُسَر من أعباء النزول إلى الشارع والمشاركة في المناسبات الاجتماعيَّة والأُسريَّة، أو من التعليقات السلبيَّة للمحيطين، وأسئلتهم المحرجة، أو النظرات المُمتلئة بالشفقة، وأحيانا التجنُّب والهروب من الوجود مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصَّة وأهاليهم.

فما هي طبيعة الضغوط التي تتعرَّض لها هذه الأُسر؟ وكيف يمكن تقديم الدعم والرعاية لها من قِبل الدوائر الاجتماعيَّة المحيطة بها من الأهل والأصدقاء وزملاء الدراسة والعمل؟ 

ما هو المقصود بالاحتياجات الخاصَّة؟

أي وضع صحِّي جسدي أو نفسي خاصّ واستثنائي، ينجم عنه افتقاد أحد مهارات الحياة الأساسيَّة، وممَّا يؤثِّر على قدرتهم على ممارسة الحياة الطبيعيَّة، وافتقاد المهارات الأساسيَّة، والاحتياج لمعاملة من نوع خاصّ، أو اتِّخاذ إجراءات معيَّنة من أجل تيسير الحياة والحفاظ على الصحَّة والسلامة، ومنها:

  • الإعاقات الحركيَّة أوالسمعيَّة أو البصريَّة وما تشتمل عليه من غياب أحد الأطراف، أو إصابات العمود الفقريّ، أو ضمور العضلات وما تتركه من تأثيرات على القدرات الحركيَّة، والنموّ والتطوُّر الحركي للأطفال. وكذلك الإعاقة السمعيَّة أو البصريَّة الناتجين عن وجود عيب خَلقي أو إصابة في السمع أو البصر، ويترتَّب على ذلك احتياج الطفل لوسائل مساعدة معيَّنة، وتعليم من نوع خاص، ورعاية تختلف عن غيرهم.
  • الإعاقات العقليَّة أو الذهنيَّة بدرجاتها: وهي تعني مستوى ذكاء أقل من المتوسّط، ويظهر ذلك في تأخُّر الفهم والإدراك والتعلُّم، ممَّا يجعلهم متأخرين عن أقرانهم في النموّ والتطوُّر العقلي، والحركي أيضًا أحيانًا، ويتبع ذلك احتياج الطفل لمعاملة خاصَّة في كل مناحي الحياة تقريبًا، مثل التعلُّم والتواصل الاجتماعي ومهارات الحياة الأساسيَّة.
  • الإصابة بمرض نفسي أو مشكلة سلوكيَّة: مثل أمراض تشتُّت الانتباه وفرط الحركة، أو الاكتئاب عند الأطفال، أو الوسواس القهري، أو غيرها من الأمراض النفسيَّة. وكذلك الاضطرابات السلوكيَّة والعاطفيَّة التي تستدعي معاملة من نوعٍ خاصّ.
  • وجود مرض مزمن: وجود وضع صحي خاصّ أو مرض مزمن، مثل الإصابة بالسرطان، أو الأمراض الجلديَّة المزمنة مثل البهاق أو الصدفيَّة أو الإكزيما، أو الخلل العصبي الذي قد ينجم عنه حالات مثل التوحُّد بأنواعه ودرجاته.
  • التشوُّهات الخلقيَّة والتحوُّرات الجينيَّة: مثل الطفل الألبينو، أو متلازمة داون، أو عدم اكتمال أحد أعضاء الجسم، أو تشوّهها، وهي أوضاع صحيَّة قد تستمرّ مدى الحياة، وتؤثِّر على ممارسة الحياة بطبيعيَّة.

ما هي الضغوط التي تتعرَّض لها أُسَر ذوي الاحتياجات الخاصَّة؟

  1. ضغط الوقت والمجهود: تبذل أُسَر ذوي الاحتياجات الخاصَّة وقتًا ومجهودًا أكبر بكثير من نظرائهم، سواء لمساعدة الأطفال في الاحتياجات الأوليَّة مثل الأكل واللبس والتعلُّم أو المساعدة في الحركة وزيارات الأطباء وجلسات العلاج وغيرها من العادات والروتين الإضافي الذي يضاف على كاهل الأسرة مع اهتمامها بالأطفال الأخرين، الأمر الذي نادرًا ما يترك للأبوين رفاهيَّة الراحة أو قضاء وقت خاصّ أو الحصول على إجازة.
  2. الخوف والتهميش: كثيرا ما يواجه المجتمع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصَّة وذويه بالاستغراب والتجنُّب والتهميش، بل إنَّ الجهل قد يدفع بعض الأُسر لإبعاد أطفالهم عن الأطفال المختلفين بحجَّة الخوف والقلق من العدوى أو الإيذاء. وهو أمر يسبِّب الكثير من الإحراج والإزعاج للأطفال وذويهم، ويجعل مهمَّة التواصل والاندماج الاجتماعي أكثر صعوبة.
  3. التنمُّر: عن طريق السخرية أو الضحك أو إطلاق الألقاب المضحكة على الأطفال ذوي الحالات الخاصَّة، وتجنّبهم في اللّعب أو تأليف الأغنيات والنكات عليهم. 
  4. الضغط المادِّي: وتكاليف العلاجات الخاصَّة، أو الجلسات الإضافيَّة لمتخصّصي العلاج الطبيعي أو التخاطب أو أي جلسات سلوكيَّة متخصِّصة، أو اللجوء لدور الرعاية والتعليم المعنيَّة بهذه الحالات، كلُّها تصبح ضغطًا ماديًّا كبيرًا على الأسرة، خاصَّة أنَّه يتمُّ الاعتماد عليها لسنوات طويلة، وأحيانًا مدى الحياة.

كيف يمكن تقديم الدعم الاجتماعي لهم؟

  1. القراءة والتثقُّف: إذا كان هناك من يهمّك أمره في الدائرة القريبة ويعاني مع طفل ذي احتياجات خاصَّة، فمن المفيد أن تنفق بعض الوقت في القراءة والتعلُّم والتعرُّف عن حالته أكثر. هذا التعلُّم يجنّبك الأسئلة المحرجة ويساعد في ضبط التوقُّعات وفهم نوعيَّة المساعدات والدعم التي قد يحتاجها ويفضِّل استقبالها وتكون مفيدة فعلا. بالإضافة إلى أنَّه في حالة كثير من الأمراض، التعلُّم عنها يزيل مشاعر الخوف والتوتُّر من كونها قابلة للعدوى أو قد تتسبَّب بالأذى للآخرين، أو تكون مصدر خطر للأطفال الآخرين. معظم الإعاقات والاحتياجات الخاصَّة لا تمثِّل خطرًا على المجتمع أو الأطفال، ولكن الجهل المحيط بالأمر هو ما يجعله محفوفًا بالتساؤل والخوف غير المبرَّر.
  2. التقبُّل: أبسط ما يمكن تقديمه لهذه العائلات وللأطفال أنفسهم، هو تقبّلهم كما هم والابتعاد عن إصدار الأحكام عليهم. تقبُّل محدوديَّة قدراتهم واحتياجهم للمساعدة، وكونهم لا يشبهون الأطفال العاديين، ولن يشبهوهم. والتأكيد على قيمة الاختلاف والتميُّز، وأنَّ الله خلق الناس مُختلفين، ومُميّزين عن بعضهم البعض، ولا توجد أفضليَّة لأحدهم على الآخر، لأنَّ أحدًا لم يختر شكله أو مهاراته أو ظروفه. 
  3. التواصل الفعَّال: عن طريق سؤالهم المباشر عن نوع الدعم والمساعدة التي يحتاجونها، وسؤالهم بشكل حقيقي عن مشاعرهم وإعطائهم مساحة للتعبير عن أنفسهم والتنفيس عن الضغط اليومي الذي يتعرَّضون له بلا توقُّف، ويحاولون التأقلم معه على المدى الطويل.
  4. نشر الوعي: سواء للأُمّهات أو للأطفال، سيكون من المفيد جدا نشر الوعي عن الاحتياجات الخاصَّة، وكيفيَّة التعامل مع الأطفال، ونشر التوعية بأهميَّة التوقُّف عن التعليقات والتوجُّهات السلبيَّة نحوهم، وضرورة احتوائهم ودمجهم مع المجتمع. والأهمّ هو تشجيع الأطفال على صداقتهم والعمل على إذابة الجليد بينهم وإزالة مشاعر التوتُّر والتوجس ناحية الأطفال المختلفين، والحديث بشكل مفصَّل عن الاختلاف والتميُّز بين البشر وضرورة تقبّله.
  5. احتواء الأُسَر والأطفال: واحدة من أكبر مشكلات ذوي الاحتياجات الخاصَّة وأسرهم، شعورهم بالإحراج والتحسُّس الدائم من مشاركتهم في المناسبات الاجتماعيَّة أو اللقاءات العائليَّة، وشعورهم أنَّ وجودهم قد يكون مصدر ضغط أو إزعاج للآخرين. ولكن في المقابل التأكيد على أنَّه مرحَّب بهم، وأنَّه يمكن الاستعداد بشكل خاصّ وفقًا لاحتياجاتهم، والصبر في التعامل معهم سيكون من أكبر طرق الدعم التي ترفع عنهم الحرج وتشعرهم بالاندماج والذوبان في المجتمع.
  6. تجهيز البيئة المناسبة: قد تتحسَّس الأمهات من زيارة بعض الأماكن بسبب شعورها بعدم ملائمة المكان لطفل له احتياجات خاصَّة، مثل وجود بعض الأدوات مصدر الخطر، أو عدم وجود مساحة كافية للحركة واللعب.
اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية