القمع الجنسي؛ مفهومه وأسبابه وكيفيَّة التغلُّب عليه
- ما هي أسباب القمع الجنسي؟
- ما هي علامات الإصابة بالقمع الجنسي؟
- كيف يمكن التغلب على القمع الجنسي؟
- كيف يمكن كسر حلقة القمع الجنسي؟
يشير القمع الجنسي إلى نوعٍ من الكبت أو القمع الواعي أو اللاواعي للرغبات أو السلوكيَّات أو الأفكار الجنسيَّة عند الفرد كردِّ فعل على المعايير الثقافيَّة، أو المعتقدات الشخصيَّة، أو تجارب الماضي السلبيَّة. عادةً ما يحمل الشخص المكبوت جنسيًّا، أفكارًا سلبيَّة تجاه الجنس، فيعتبر أنَّ الجنس وكل ما يرتبط به خطأ.
ما هي أسباب القمع الجنسي؟
في بعض العائلات والمجتمعات، يعدُّ الجنس موضوعًا محظورًا وغير أخلاقي، وبالتالي يجب تجنّبه أو التحدُّث عنه بحدود، علاوةً على ذلك، قد يمرُّ الفرد في بعض التجارب التي قد تلعب دورًا في قمعه جنسيًّا. فيما يأتي توضيح لأهمَّ أسباب القمع الجنسي:
التأثيرات الثقافيَّة
يمكن للتنشئة المبكِّرة للشخص أن تشكِّل فهمه للحياة الجنسيَّة، إذ يمكن للمعايير والمعتقدات الثقافيَّة، بما في ذلك تلك المتعلِّقة بالدين، أن تؤثِّر في موقف الفرد تجاه الحياة الجنسيَّة بشكل كبير؛ قد تؤدِّي هذه التأثيرات إلى تعزيز القواعد الأخلاقيَّة الصارمة أو المحرَّمات، أو وصم بعض السلوكيَّات الجنسيَّة، ممَّا قد يؤدِّي إلى قمع الرغبات والتعبيرات الجنسيَّة.
مثال على ذلك: قد يخبر الوالدان ابنهما أنَّ التفكير في الجنس يعني أنه يرتكب خطأ كبيرًا؛ ونتيجة لذلك، قد يتعلَّم الابن سحق رغباته (الطبيعيَّة تمامًا) من أجل حماية نفسه.
الصراعات الداخليَّة والحكم على الذات
إنَّ تفاعل التأثيرات الثقافيَّة مع المشاعر الشخصيَّة، يمكن أن يؤدِّي إلى صراعات داخليَّة، قد ينشأ هذا من تضارب المعتقدات والرغبات المتضاربة، والتي يمكن أن تساهم جميعها في القمع الجنسي، فقد يجد الفرد أيضًا صعوبة في قبول رغباته بسبب الخوف من الحكم المجتمعي، أو الإحساس بالعار.
التجارب المؤلمة أو السلبيَّة
يمكن أن يؤدِّي مرور الفرد بتجارب مؤلمة في الماضي كالاعتداء الجنسي أو التحرُّش، إلى قمع رغبته الجنسيَّة وتطوير حواجز نفسيَّة تجاه الجنس كآليَّة وقائيَّة.
ما هي علامات الإصابة بالقَمع الجنسي؟
قد تظهر لدى أولئك الذين يعانون من القمع الجنسي بعض العلامات والأعراض، ويجدر بالذكر أنَّ تحديد هذه العلامات هو الأساس لحلِّ المشكلة، ومن أبرزها:
- الخوف والقلق: قد يشعر الفرد بالخوف والقلق بشأن التعبير عن حياته الجنسيَّة أو استكشافها، وينبع ذلك من خوفه من الرفض أو العقاب أو إطلاق الأحكام عليه، ممَّا قد يدفعه إلى قمع أو تجنُّب رغباته أو اهتماماته الجنسيَّة.
- عدم الراحة تجاه الحديث عن الجنس: إحدى أبرز علامات القمع هي عدم الارتياح بشأن الأمور الجنسيَّة، إذ يجد الشخص نفسه محرجًا وغير قادر على الحفاظ على رباطة جأشه أثناء المحادثات حول الجنس.
- الشعور بالذنب أو العار بعد ممارسة الجنس: يمكن للقمع أن يسلب المتعة المرتبطة عادة بالجنس، وقد يشعر الفرد بحزن شديد عندما يمارس الجنس أو يفكر في العلاقة الحميمة مع الزوج/ة، ومن الشائع أن يشعر بالقلق قبل أو حتى أثناء ممارسة الجنس دون سببٍ محدَّد.
- انخفاض الرغبة الجنسيَّة: يمكن أن يؤدِّي القمع الجنسي إلى انخفاض الاهتمام بالأنشطة الجنسيَّة أو تجنُّبها.
- اضطرابات في الوظيفة الجنسيَّة: قد يترتَّب على الكبت الجنسي حدوث اضطرابات في الوظيفة الجنسيَّة، وذلك بسبب وجود حواجز نفسيَّة تجعل الشخص غير قادر على الانخراط في التجارب الجنسيَّة بشكل كامل، ومن الأمثلة على هذه الاضطرابات:
- الضعف الجنسي لدى الرجال.
- صعوبة الوصول إلى النشوة الجنسيَّة.
- سرعة القذف.
- صعوبة الاستمتاع في الجنس: عندما يكون الشخص مبرمجًا على اعتبار الجنس أمرًا غير جيِّد، فإن لن يتمكَّن من الاستمتاع به، فغالبًا ما يجامع الأشخاص المكبوتون جنسيًّا أزواجهم كواجب دون أي متعة، وهذا يمكن أن يؤدِّي إلى عدم الرضا والتعاسة في العلاقة الزوجيَّة، ومن ناحية أخرى، قد يسبِّب الكبت الكثير من الخوف والتوتُّر أثناء ممارسة الجنس، وقد يظهر هذا الخوف لدى النساء على شكل تشنُّج مهبلي، وهي حالة تضيق فيها جدران المهبل خوفًا من الإيلاج.
- الانزعاج من العري: يشعر الأشخاص المقموعون جنسيًّا باستياء شديد من العري باعتباره أمرًا غير أخلاقي أو مزعج، وقد يتطوَّر لديهم شعورًا بعدم الرضا عن مظهرهم.
- حدوث ارتباك أخلاقي: عندما يكون القمع الجنسي من خلال تعاليم الدين، فإنَّ الحصول على استجابات إيجابيَّة للسيناريوهات الجنسيَّة، يمكن أن يؤدِّي إلى ظهور أسئلة غير مريحة ونقاشات داخليَّة لدى الفرد، حول ما إذا كان الشخص متديِّنًا/نقيًّا بدرجة كافية أم لا عندما تتسلَّل إليه الأفكار والرغبات الجنسيَّة، ولأنَّ هذه المشاعر صُنِّفت في ذهنه على أنَّها خطيئة، فقد يقلق الشخص بشأن حالته الأخلاقيَّة.
كيف يمكن التغلب على القَمع الجنسي؟
إنَّ مجرد الوعي بعلامات القمع وكيفيَّة تأثيرها عليك من شأنه أن يساعدك على اتِّخاذ خطوات نحو مواجهته، إليك بعض النصائح في هذا الشأن:
- امنح نفسك وقتًا لاستكشاف ذاتك: إنَّ تخصيص الوقت لاستكشاف وفهم الحياة الجنسيَّة أمرٌ أساسيّ للتغلُّب على القمع الجنسي، لذلك، تعرَّف على الممارسات الجنسيَّة الصحِّيَّة والموافقة المستنيرة للطرفين قبل أي علاقة.
- التواصل المفتوح: يمكن أن يؤدِّي الانخراط في تواصل مفتوح وصادق مع أفراد موثوق بهم -مثل الزوج/ة أو المتخصِّصين في الرعاية الصحيَّة- إلى تعزيز مساحة آمنة للمناقشات حول الرغبات والحدود وقبول الذات.
- اطلب الدعم من مختصّ: يمكن للمعالجين أو المستشارين المتخصِّصين في الصحَّة الجنسيَّة تقديم الإرشادات والأدوات اللازمة لمعالجة القمع الجنسي والتغلُّب عليه.
- عبّر عن نفسك: قد يساعد الانخراط في الأنشطة التعبيريَّة مثل الفن أو الرسم أو كتابة اليوميَّات في التعبير عن المشاعر المتعلِّقة بالجنس ومعالجتها.
- اقرأ عن الجنس: يمكن أن تساعد المعرفة الجنسيَّة في مكافحة القمع الجنسي، وذلك من خلال منحك الشعور براحة أكبر مع فكرة الجنس كنشاط صحِّي وفطري، وقد يتضمَّن ذلك قراءة مقالات أو كتب عن الجنس (بعيدًا عن الأفلام الإباحيَّة).
- تقبَّل جسمك: يمكن أن يؤثِّر القمع الجنسي أحيانًا على شعورك تجاه جسمك، فتصبح غير متقبِّل لجسمك، ولتجاوز هذه المشكلة، جرّب النظر إلى نفسك في المرآة عاريًا، أو تذكير نفسك بـ5 أشياء تحبُّها في جسمك.
- تدرَّب على قبول الأفكار الجنسيَّة بوعي: إذا خطرت على ذهنك فكرة جنسيَّة، فذكّر نفسك بأنَّ هذا أمر طبيعي، واتركها تمرُّ دون انتقاد نفسك.
كيف يمكن كسر حلقة القمع الجنسي؟
الكثير من الآباء والأُمَّهات يتناقلون أفكارًا مضلِّلة أو ضارة حول الحياة الجنسيَّة دون أن يقصدوا إيذاء أبنائهم، فهم ببساطة يشاركون المعتقدات التي تعلَّموها بأنفسهم، ومن هنا تأتي أهمّيَّة كسر حلقة القمع الجنسي لإنشاء أجيال أكثر وعيًا، ويمكن تحقيق ذلك باتِّباع الخطوات الآتية:
- إذا كنت تعاني من الكبت الجنسي؛ فعالج نفسك أوَّلًا قبل إنجاب أطفال.
- التحدُّث حول الجنس مع الأطفال بصراحة وبطريقة مناسبة لأعمارهم.
- تعريض الأطفال للعلاقات بين الأشخاص من جميع الأجناس، من خلال تصوير الحياة الواقعيَّة أو وسائل الإعلام.
- تعليم الأطفال كيف تبدو العلاقات الرومانسيَّة والجنسيَّة الصحِّيَّة.
- تدريس مواد صحَّة جنسيَّة في المدارس منذ سنٍّ مبكِّرة.