الحياة الجنسيَّة في ظلِّ الاضطرابات الحسِّيَّة
- ما هي العلامات التي تدلُّ على أنَّك شديد الحساسيَّة؟
- كيف يكون الجنس عند الشخص شديد الحساسيَّة؟
- مع وجود طرف شديد الحساسيَّة…..كيف تحافظان على زواجكما؟
تُشير الاضطرابات الحسِّيَّة أو اضطرابات المعالجة الحسِّيَّة (Sensory processing disorder) إلى حالة تؤثِّر على كيفيَّة معالجة دماغك للمحفِّزات الحسِّيَّة، فالمحفِّزات الحسِّيَّة هي الأشياء التي تراها أو تسمعها أو تشمّها أو تتذوّقها أو تلمسها، وقد تؤثِّر هذه الاضطرابات على جميع حواسّك، أو على واحدة فقط، وإصابتك بهذه الاضطرابات إمَّا أن تجعلك شديد الحساسيَّة، أي أنَّك تكون حسَّاسًا بشكل مفرط تجاه المحفِّزات أكثر من الآخرين، أو قد تسبِّب لك تأثيرًا معاكسًا بحيث تكون بحاجة إلى المزيد من التحفيز للشعور بالأشياء. وفي هذا المقال سنركِّز على الحياة الجنسيَّة لدى شديدي الحساسيَّة.
ما هي العلامات التي تدلُّ على أنَّك شديد الحساسيَّة؟
فيما يلي مجموعة من العلامات التي قد تشير إلى أنَّك شخص شديد الحساسيَّة:
- انخفاض عتبة الوعي الحسِّي: قد تلاحظ وتشعر بالمحفِّزات الحسِّيَّة بقوَّة أكبر من الآخرين، على سبيل المثال: من المرجَّح أن يكون للضوضاء العالية والمحفِّزات الفوضويَّة تأثير أكبر عليك مقارنةً بالآخرين.
- الشخصيَّة والمزاج: قد تكون منطويًا أو حسَّاسًا للغاية من الناحيَة العاطفيَّة، وقد يكون هذا أيضًا بسبب شعورك بالإرهاق من المحفِّزات البيئيَّة.
- التعاطف: قد تجد أنَّ مزاج الآخرين يؤثِّر عليك بشدَّة، أو أنَّك قد تلاحظ إشارات اجتماعيَّة خفيَّة لا يلاحظها الآخرون.
- حساسيَّة الألم: غالبًا ستكون أكثر حساسيَّة للألم أو اللَّمس من غيرك.
- الانسحاب: إذا كنت تعيش في بيئة غير مثاليَّة بالنسبة إليك فقد تنعزل أكثر، أو قد تحتاج إلى المزيد من الوقت بمفردك للتأقلم.
كيف يكون الجنس في ظلِّ الاضطرابات الحسِّيَّة عند الشخص شديد الحساسيَّة؟
إذا كنت متزوِّجًا/متزوجةً من شخص شديد الحساسيَّة، فلا بد من أخذ الأمور التاليَة بعين الاعتبار فيما يتعلَّق بحياتكما الجنسيَّة:
قد يتجنَّب ممارسة الجنس بسبب الإفراط في الإثارة
حتى لو كان الشخص شديد الحساسيَّة يستمتع بالجنس، فإنَّه غالبًا ما يحتاج إلى أن يكون في ظرف مناسب للبدء به أو الموافقة عليه، فهو يتعرَّض خلال اليوم إلى الكثير من المحفِّزات (كضغوط العمل، والأعمال المنزليَّة، وتحضير العشاء والتفاعل مع الآخرين غير ذلك)، وقد يبدو الانخراط في الأنشطة الجنسيَّة أمرًا غير مناسب إذا كان مرهقًا للغاية، وقد يفضِّل الاحتضان، أو مشاهدة فيلم معك على ممارسة الجنس.
وقد لا يبدو اليوم “مشغولاً” بالنسبة للمعايير العاديَّة، لكن الأشخاص شديدي الحساسيَّة عقولهم مفرطة النشاط، ويمكن أن يصبحوا مرهقين فقط من التواجد في مكان فيه الكثير من الضوضاء مثلًا.
المشتِّتات قد تعرقل ممارسة الجنس
الأصوات أو المشاهد أو حتى الأفكار التي تتسلَّل إلى ذهن شديد الحساسيَّة قد تشتِّت انتباهه عن ممارسة الجنس، فقد تكون أصوات الجيران أو الإضاءة الشديدة أو الملاءة الخشنة سببًا لمنعه من الاستمتاع باللحظة، لذلك فإنَّنا ننصحك بأن تترك لزوجك/زوجتك شديد/ة الحساسيَّة مهمَّة تهيئة الظروف لممارسة الجنس ليختار ما يناسبه، واسأله دائمًا عمَّا يحبّه وما لا يحبّه في هذا الشأن.
الفرق بين اللَّذة والألم هو خيط رفيع
يشعر الأشخاص شديدو الحساسيَّة بكل شيء بشكل مكثَّف أكثر من غيرهم، وإذا لم يكن هناك شيء على ما يرام، فقد يصبح الجنس مؤلمًا أو غير مريح، وقد يشعرون بالقلق أيضًا بشأن التعبير عندما يصبح شيء ما مؤلمًا أثناء الجنس، وربَّما يعتقدون أنَّه لا ينبغي عليهم أن يشعروا بالإرهاق، لذلك هم بحاجة إلى أزواج متفهّمين لاحتياجاتهم الفريدة.
التحوُّلات مهمَّة جدًّا
يحتاج شديدو الحساسيَّة إلى بعض الوقت للعودة إلى الحياة الطبيعيَّة بعد أي تجربة ثريَّة حسِّيًّا كالجنس، وقد يكون ذلك باحتضانه لبعض الوقت، أو التحدُّث إليه، أو مجرَّد الاستلقاء معه بهدوء.
ردود فعل عاطفيَّة بعد ممارسة الجنس
حتَّى التجارب الجيِّدة يمكن أن تبدو منهكة بالنسبة للأشخاص شديدي الحساسيَّة، لدرجة أنَّهم -ذكورًا وإناثًا- قد يعانون مما يعرف باسم اضطراب ما بعد الجماع (PCD)، أو البكاء بعد ممارسة الجنس، إذ يكون هذا ردّ فعل عاطفي قوي، لأنَّهم سعداء أو راضون أو غارقون في الأمر برمته، وهذا سبب آخر يفسِّر حاجتهم إلى وقت للتخلُّص من الضغط الناتج عن التجربة قبل العودة إلى الحياة كما ذكرنا في النقطة السابقة.
مع وجود طرف شديد الحساسيَّة…..كيف تحافظان على زواجكما؟
فيما يلي مجموعة من النصائح للحفاظ على زواج ناجح إذا كان أحدكما شديد الحساسيَّة:
إنشاء حدود فرديَّة وحدود زوجيَّة
تعتبر الحدود أساسيَّة للسماح لكلا الزوجين بالازدهار كأفراد وكجزء من الثنائي، وكشخص شديد الحساسيَّة، قد تجد صعوبة في وضع الحدود، وذلك بسبب الأهميَّة التي توليها لمشاعر الآخرين واحتياجاتهم، ومع ذلك، ذكّر نفسك باستمرار بأن الحدود ليست سلبيَّة، بل هي ضروريَّة، ولا توضع الحدود الصحيَّة لصالح شخص واحد على حساب شخص آخر، بل تأخذ بعين الاعتبار حقوق كل طرف وكراماته.
في الواقع، لا توجد حدود تناسب جميع الأزواج، لكن هناك بعض الاعتبارات العامَّة التي يمكن أخذها بعين الاعتبار عند وضع الحدود الشخصيَّة والزوجيَّة، على سبيل المثال:
- تأكَّد من أن الغرض من الحدود هو تحسين العلاقة الزوجيَّة.
- احترام الحقوق والاحتياجات الفرديَّة لكلا الطرفين.
- تقبُّل الاختلافات في مشاعر بعضكما البعض.
الحفاظ على تواصل صادق ومفتوح
يوفِّر الصدق أساسًا متينًا وموثوقًا للعلاقات الناجحة، وغالبًا ما يتوق الأشخاص ذوو الحساسيَّة العالية إلى إجراء محادثات صادقة، ولتحقيق هذه الغاية من المهمّ أن يكون كل طرف آمنًا في توصيل الأشياء التي يحبُّها وتلك التي لا يحبّها، إضافة إلى تلك الأشياء التي تثير مشاعر واستجابات معيَّنة لديه.
قد يكون الزواج من شخص حسَّاس للغاية في بعض الأحيان أمرًا حسَّاسًا بالنسبة لشخص غير حسَّاس، وأنَّ عدم الوعي بما يجب قوله، أو كيفيَّة قوله، أو حتَّى متى تتطرَّق إلى محادثات معيَّنة يمكن أن يزيد من التوتُّر والصراع داخل العلاقات الزوجيَّة.
إنَّنا ننصح باتِّباع الاستراتيجيَّات الآتيَة لتعزيز الحوار المثمر بينك وبين زوجك/زوجتك:
- احترما أنَّ لكلِّ طرف آراء مختلفة، وأنَّ الهدف ليس بالضرورة الاتِّفاق، بل التفاهم.
- قراءة لغة جسد بعضكما البعض حتَّى تتمكَّنا من تحديد أفضل طريقة للاستمرار في الحوار.
- تجنَّب إهمال مشاعر بعضكما البعض.
- تحديد وقت للحديث عن الأمور الصعبة، ففي بعض الأحيان يجب علينا أن نحترم فكرة أنّ “الآن ليس هو الوقت المناسب”.
كن على استعداد لمواصلة تحسين زواجك
أنتما بحاجة دائمًا إلى التواصل بشكل أعمق مع بعضكما البعض، فيما يلي بعض الأشياء التي قد تفيد في توثيق علاقتكما:
- تخصيص ليالٍ لقضاء وقت خاصّ بكما، والانفصال عن كل شيء باستثناء بعضكما البعض.
- احترام فرديَّة كل واحد منكما من خلال احتضان الاختلافات التي تجلبها شخصياتكما إلى الزواج.
- تحديد الاهتمامات المشتركة التي يمكن أن تستمتعا بها كزوجين.
- احترام المساحة والاستقلاليَّة لبعضكما البعض من خلال السماح بأوقات خاصَّة لكل واحد حتى تتمكَّنا من الاستمتاع بالوقت الذي تقضياه معًا بشكل كامل.
الاستعانة بمختصّ
قد تكون هناك أوقات لن تنجح فيها الاستراتيجيات التي تمت مناقشتها مسبقًا، وربما لا يزال الطرف الأكثر حساسيَّة غير قادر أو غير مرتاح في التعامل مع القضايا الصعبة مع زواجه، أو ربما أنكما تجدان صعوبة في تحديد المشكلات الدقيقة التي تحتاج إلى معالجة، في مثل هذه الحالات، يكون من المفيد أحيانًا طلب المساعدة من متخصِّص كمعالج أو مستشار زواج مدرَّب، فهو قادر على تقديم الخدمات الآتية:
- التصرُّف كطرف ثالث غير متحيِّز، وتقديم تعليقات صادقة لكلا الزوجين.
- تحديد مشكلات العلاقة قبل أن تصبح غير قابلة للعلاج بفعاليَّة.
- المساعدة في إيجاد طرق لزيادة الاتِّصال الحميم بينكما.
- توفير مساحة آمنة لكما لزيادة وعيكما حول بعضكما البعض دون إطلاق الأحكام.