الأبعاد النفسيَّة لعمليَّة تجميد البويضات وكيفيَّة التعامل معها 

اقرأ في هذا المقال
  • لماذا تلجأ السيِّدات لعمليَّات تجميد البويضات؟
  • ما هي الآثار النفسيَّة المصاحبة لعمليَّة تجميد البويضات؟
  • كيف يمكن التعامل مع الضغوط النفسيَّة المصاحبة لعمليَّة تجميد البويضات؟

انتشرت في السنوات الأخيرة نسب عمليَّات تجميد البويضات، وهي عمليَّة تقوم باستخلاص واستخراج عدد من البويضات من مبيض المرأة وتجميدها، من أجل تلقيحها بالحيوانات المنويَّة مستقبلًا للحصول على فرص حمل في وقتٍ لاحق. 

صحيح أنَّ هذه العمليَّة تعدُّ معقَّدة ومكلَّفة ماديًّا، كما أنَّه يوجد عليها بعض الخلافات الثقافيَّة والعقائديَّة، إلا أنَّ هذا لم يمنع انتشارها في الدول العربيَّة، وتزايد الحديث عنها والترويج لها وتسليط الضوء الإعلامي عليها. 

لماذا تلجأ السيِّدات لعمليَّات تجميد البويضات؟

عادةً ما يكون قرار تجميد البويضات نابعًا من أحد اتِّجاهين، الأوَّل الأسباب الطبيَّة، مثل: 

  • الإصابة بأمراض السرطان، والتعرُّض في سنٍّ مبكِّرة للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي الذي قد يعرِّض البويضات للتلف ويصعب احتمالات الحمل فيما بعد.
  • الإصابة بالأمراض المناعيَّة وتناول علاج طويل المدى قد يؤثِّر على القدرة على الإنجاب، أو يكون العقم هو أحد آثاره الجانبيَّة، أو طبيعة المرض تنذر بتوقُّف الحيض المبكَّر.
  • الضعف الشديد في القدرة الإنجابيَّة عند الزوج، ووجود اضطراب شديد في العدد وجودة الحيوانات المنويَّة.
  • إصابة المبيض وتطلُّب عمليَّة جراحيَّة لاستئصاله.

والثاني أسباب نفسيَّة أو اجتماعيَّة مثلا:

  • تقدُّم السنِّ قبل الزواج والرغبة في الاحتفاظ ببويضة في عمر مناسب حتى تحين فرصة مناسبة للزواج والإنجاب.
  • عدم الاستقرار على قرار الإنجاب والتخوُّف منه مع التقدُّم في العمر، والرغبة في التأجيل.

ما هي الآثار النفسيَّة المصاحبة لعمليَّة تجميد البُويضات؟

  1. ضغط اتِّخاذ القرار: تشعر كثير من النساء أنَّهن محاصرات بضغط الوقت فيما يخصُّ قرار الإنجاب، فبينما تعتقد أنَّه لا ترتبط الخصوبة عند الرجل بسنٍّ معيَّن، وليس لديه حدًّا أقصى لعدد الحيوانات المنويَّة، تعتقد الكثير من النساء أنَّهن مضغوطات بعامل الزمن، في فترة خصوبتهن المحدَّدة، ولديهن عدد من البويضات يتناقص مع تقدُّم العمر وتقلُّ كفاءته في التخصيب. وبالرغم من أنَّ التطوّر الطبِّي والعلمي قد وجد مخرجًا يساعد في فتح فرص جديدة، واحتمالات لمختلف الحالات التي كانت قديما تفقد الأمل في الإنجاب نتيجة لتقدُّم السنِّ أو لمشكلات مرضيَّة، إلا أنَّ اتَّخاذ القرار ما يزال صعبًا، من ناحية نظرًا لتكلفته العالية جدًّا، ومن ناحية أخرى هناك احتمالات لفشل العمليَّة ابتداء من سحب البويضات، ومرورًا بفترة حفظها وتخزينها، ووصولًا إلى اتّخاذ قرار التلقيح واحتماليَّة نجاحه وحدوث الحمل أو فشله. كل هذه العوامل تجعل من اتِّخاذ قرار تجميد البويضات قرارًا صعبًا، ضغطًا نفسيًّا وعصبيًّا على المرأة.
  2. التقلُّبات المزاجيَّة: تتعرَّض المرأة في مرحلة التجهيز لعمليَّة تجميد البويضات تدفُّقات هائلة من الهرمونات لتشجيع المبيض على إنتاج البويضات قبل استخلاصها، هذه التغيُّرات الهرمونيَّة غالبًا ما تكون سببًا في التقلُّبات المزاجيَّة القويَّة، التي قد تظهر متمثِّلة في الحساسيَّة الزائدة، أو سرعة البكاء والشعور بالحزن، أو حدَّة ردود الأفعال، والغضب لأتفه الأسباب، والشعور بالانزعاج من أشياء غير معتادة، وسهولة الاستثارة العصبيَّة.
  3. اضطراب صورة الجسم: ترتبط أنوثة المرأة بدرجة كبيرة في إحساسها أنَّها خصبة، قادرة على الإنجاب وممارسة الأمومة، وعندما تضطرب هذه الوظيفة لأحد الأسباب يضطرب معها شعور المرأة بالثقة في نفسها، وفي أنوثتها، وتبدأ في التشكُّك في جاذبيتها وكفاءتها ككل، ويؤثِّر هذا على علاقتها بنفسها، وعلاقتها بجسمها، وإحساسها بالثقة والقوَّة داخله.
  4. الضغوط الناتجة عن تغيير الروتين: تمرُّ عمليَّة تجميد البويضات بفترة تجهيز طويل، قد تمتدّ إلى ثلاثة أسابيع، خلال هذه الفترة يجري عمل تحليلات وأخذ عقاقير عن طريق البلع أو الحقن أو الاستنشاق، ممَّا يتطلَّب تغييرًا في روتين الحياة الطبيعي ويمثِّل ضغطًا نفسيًّا وعبئًا جسميًّا كبيرًا. 
  5. التوتُّر والقلق: صحيح أنَّ العمليَّة تتيح خيارات كانت صعبة أو شبه مستحيلة من قبل، إلا أنَّ نسب نجاحها ما زالت متوسّطة، الأمر الذي يشكِّل عبئًا نفسيًّا، سببًا ثقيلًا للقلق والتوتُّر الكبير، بوجود احتماليَّة فشل العمليَّة بعد رحلة طويلة من التجهيز والتحضير والعمليات والأدوية قد يصبح محبطًا ومؤلمًا جدًّا على المستوى النفسي.

كيف يمكن التعامل مع الضغوط النفسيَّة المصاحبة لعمليَّة تَجميد البويضات؟

  1. دائرة الدعم: بالرغم من أنَّ موضوع الإنجاب والخصوبة هو واحد من أكثر الموضوعات حساسيَّة، والتي غالبًا ما يتجنَّب الزوجان الحديث عنها حتَّى مع أقرب الناس، إلا أنّه عندما تكون الزوجة بصدد خطوة بهذه الأهمّيَّة والحجم، لا بد أن تكون محاطة بدائرة دعم ومحبَّة، ليس فقط لمساندتها في قرارها، بل أيضًا لدعمها في تبعاته الصغير منها والكبير، ابتداءً من التقلُّبات المزاجيَّة، وتأثير الهرمونات العاطفي والنفسي عليها، ومرورًا بكل تفاصيل هذه الرحلة واحتمالات نجاحها أو فشلها. ما الذي تستطيع دائرة الدعم تقديمه؟
  • الإقرار بمشاعرهم من قلق وتوتُّر وخوف من الإحباط والفشل وتفهُّمها، وتفهُّم الأسباب التي تدفعهم لاتِّخاذ هذه الخطوة بكل ما تحمله من أعباء ماديَّة وجسديَّة ونفسيَّة عليهم.
  • الاستماع لأفكار ومشاعر  المرأة قبل وبعد اتِّخاذ هذا القرار، وتوفير مساحة من الفهم والتقبُّل بدون أحكام وضغط.
  • تقديم المساعدة في الفترة التجهيزيَّة للعمليَّة والتي يكون فيها روتين المرأة متغيِّرًا ومتوتِّرًا ومشحونًا، من الممكن عن طريق تحمُّل بعض من مهامها اليوميَّة، أو بتوفير بعض الجو الترفيهي الاستثنائي الذي يساعد على تحسين الحالة النفسيَّة.
  • مصاحبة المرأة في بعض خطوات التجهيز الطبيَّة، مثل مرافقتها في مواعيد الأطبَّاء، أو التواجد أثناء أحد المواعيد اليوميَّة للأدوية، ومشاركة تفاصيل الرحلة، وتخفيف الإزعاج والتوتُّر النفسي الناتج عنهما.
  • المساعدة من خلال مزيد من القراءة والبحث والسؤال عن الموضوع، وتوفير معلومات عنه، والبحث ليس فقط عن الإجابات المطمئنة، بل أيضا عن الاحتمالات المختلفة المتوقَّعة لهذه الخطوة.
  • المساعدة في وضع الاحتمالات والتوقُّعات في محلِّها، بدون مبالغة سواء في التفاؤل والنجاح والأمان المطلق، أو في الفشل والإحباط وخيبة الأمل. صحيح أنَّ نتائج العمليَّة تبدو مبشِّرة عادة وأثبتت حالات نجاح لعدد لا بأس به، ولكنَّها أيضًا لا تضمن نجاح وحدوث الحمل، أو حدوثه من أوَّل مرَّة، لذا من المفيد تقديم المساعدة في ضبط التوقُّعات، والمساندة في تحمُّل الاحتمالات المفتوحة وعدم اليقين. 
  1. الالتحاق بمجموعات دعم نفسي للحالات المشابهة: في هذه المجموعات يتبادل الأفراد الذين يمرُّون بنفس التجربة مخاوفهم وأفكارهم ومشاعرهم، والتي غالبا ما تكون مشتركة بدرجة كبيرة. هذا الأمر له مردود إيجابي كبير في تأكيد شعور أنَّك لست وحدك، وفي الإجابة على بعض التساؤلات والردّ على علامات الاستفهام الداخليَّة. وهو ما يعطي شعورًا أكبر بالأمان والراحة.
  2. المتابعة مع اختصاصي نفسي: يقوم الاختصاصي النفسي بمتابعة الوضع النفسي بشكل منتظم، ويساعد في:

متابعة الأعراض المصاحبة للعمليَّة مثل القلق والتوتُّر أو الاكتئاب أو أي أعراض نفسيَّة أخرى.

– المساعدة في إدارة الأفكار و المشاعر المرتبطة بهذه التجربة. 

– تعليم تكنيكات تساعد على الهدوء والسيطرة على التفكير المتزايد مثل تمارين الاسترخاء، أو تمارين التنفُّس، أو التأمُّل، أو غيرها من التكنيكات التي تساعد على إدارة الذهن والجسم.

اظهر المزيد

أية خالد

إخصائية نفسية حاصلة ليسانس الآداب قسم علم النفس بجامعة القاهرة، وعلى الماجستير في علم النفس الإكلينيكي، وكاتبة محتوى مهتمة برفع الوعي بالصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: هذا المحتوى محمي بحقوق الملكية الفكرية